الخميس، 22 نوفمبر 2012

2 :التربية الروحية كنهضة أخلاقية للأمة:

فالإنسان في الإسلام جسم وعقل ونفس وقلب وروح ، وكلها تحتاج إلى تربية متزنة ومتواصلة ، وصيانة حكيمة ومحكمة..
وكما أن هناك مناهج للتربية البدنية ، وبرامج للتعليم وتنمية الفكر والعقل ، فإن هنالك أيضا علوما في تربية النفس والقلب والروح ، تجملها التربية الروحية في الإسلام ..
لكننا وللأسف نجد بأن العديد من المسلمين عن مزاياها غافلين..
فتطهير القلب والنفس فالروح هو الجوهر الأسمى لإسلامنا ، بل ولب الإحسان فيه..
ولهذا ننادي عبر هاته المدرسة  بوجوب عودة المسلمين للإهتمام بهاته التربية التطهيرية. وبضرورة تربيتنا تربية إسلامية رزينة تهتم بتربية قلب وروح المسلم أولا وليس آخرا..
فالتربية الروحية أو التصوف السني ليس هو أو هي كل الإسلام ، بل هما الباب الكبير   للدخول فيه بصدق.
مع إستنكارنا :
 لكل ما شاب العديد من زوايا التصوف من تصوفات دخيلة وممارسات خليعة وشركيات لا زالت تتفاقم لحد عبادة قبور الأولياء قدس الله أسرارهم .
  فنحن ندعوا لممارسة التربية الروحية عن علم سني لا عن تقاليد وطقوس لا تمت للإسلام بصلة ، وتحاول أن تربط هذه التربية الروحية السامية بالماورائيات الشركية واللاعقل والشطحات والرعونات التنطعية ، ولحد النداء بوحدة الأديان وبالتوحد مع التصوفات الوضعية والكافرة بعيدا عن سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام عقيدة وعبادة.. 
بل ولحد محاربة الشريعة جهارا.
ومما يؤسف له كذلك : أن الأخلاق الفاضلة وجل الروحانيات الصافية التي كان ينعم بها الأجداد رغم قله علومهم قد أفلت ، وخصوصا بعد الغزو الإمبريالي للأمة مادة وتربية وفكرا، في الوقت الذي يعد فيه التخليق السامي أهم المبادئ الإسلامية الذي يجب أن يعلم كل العالم كنز الإسلام له كما قال صلوات ربنا عليه :
"إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق" رواه أحمد..
ولا نعني به التخليق الفردي فقط كما يظن البعض ، بل الإسلام يدعو لكل الأخلاق والقيم الفردية والجماعية والمجتمعية والمجتمعاتية والإقتصادية ......والعالمية..:
فهو نظام وتنظيم لكل الحياة الإنسانية بكل إجمالاتها وبجل تفاصيلها :
" ما فرطنا في الكتاب من شيء "الأنعام 38
ولهذا فإن إحباطات دعوتنا للإسلام كانت نتيجة حتمية للأنانية والجفاف والتموقف من الآخر وكل لاأخلاقياتنا كدعاة إن صدق الوصف.. ولا يزال يكرس هذا :
السعي للتريس والمكاسب الحزبية ولو بوءد كل مشروعنا الإسلامي على حساب مصالحنا كما حالنا اليوم وللأسف
في الوقت الذي يجب أن تكون فيه دعوتنا دعوة مبادئ وعلوم ، لا دعوة مصالح ومطامع وطموحات نرجسية ضيقة.
فمع تفتحنا على بعض الحركات والجماعات والجمعيات والأحزاب الإسلامية وجدنا العديد من العاهات كـ :
1ــ الدفاع عن الأنفس بالإسلام لا الدفاع عن الإسلام بالأنفس ، بحيث صار الإسلام شعارا فقط لتحقيق مآرب خاصة ، والأدهى أن العديد من جماهير المسلمين لا يفرقون  بين الإسلاميين اليوم والإسلامويين ، وذلك لجهلهم الكبير بمبادئ وأسس مذهبيتنا الإسلامية.
2ــ التربية الجافة لبعض الدعاة بحيث يركز البعض فقط في دعوتهم للسنة على أحاديث الرسول صلوات الله عليه داعين لعلم الحلال والحرام فقط دون كل العلوم والفقهيات الاخرى وكأنه كل الإسلام ..
مما أثمر مسلمين يظنون أن الإسلام أوامر ونواهي فقط ، فنبذوا العديد من العلوم الإسلامية وخصوصا الفكر الإسلامي لحد قول أحدهم باسم التسلفية :لا فكر في الإسلام.. 
مما أنتج مسلمين رجعيين ماضويين لا يهتمون لا ببناء عقولهم ولا بتطهير قلوبهم ولا بهموم مجتمعاتهم ، ويركزون على الشكل الماضوي نابذين لكل الحضارة الإسلامية وعلومها وجمالياتها وكل كمالاتها في بناء المسلم والإنسان فردا ومجتمعا ، وعقلا وقلبا وروحا,. بل وحضارة . 
والخطورة أن هاته الدعوات التبسيطية تنحوا لها اليوم ورسميا العديد من بلداننا العربية : لأنها تبعد كل المشروع الإسلامي عن المسلمين والتائبين الجدد ، مما خلق تيارات تسعى للتغيير العنيف ، ولا تربط النصر الإسلامي إلا بالنجاح السياسي أو الجهادي ، والنداء بتنزيل حاكمية الله تعالى عبر تطبيق الشريعة .
إذ من الغبن الإيمان اليوم بتنزيل الحاكمية وكل الواقع العالمي يؤكد إستحالة خلق ظروف تطبيق الشريعة .. فكيف بتنزيلها ؟
3ــ الزيغ عن الأخلاق السمحة كاللين والكرم والحلم والبشاشة والتوحد وقبول الآخر... وغيرها من المكارم.
4ــ التأثر بكل الأخلاق السياسوية والكواليسية الغامضة .
5- خلق تضارب بين البديل الإسلامي والواقع العلمي المعاصر.
لنلمس بأن الثغرة كامنة في صدورنا كإسلاميين أولا ، إذ تنقصنا العديد من الأخلاق الإيمانية الباطنة التي لن نكسبها إلا بالتربية الروحية السنية بداية ..
6-كما تنقصنا العديد من الرؤى العلمية لتقديم الإسلام كحضارة بديلة ، لا كتموقفات ساعية لتسلطنا كمسلمين أو إسلاميين على العالم ، إن كنا حقا نومن بالمذهبية الإسلامية كبديل حضاري مستقبلي...
فاقتنعنا بأنه لا خلاص للأمة إلا بالرفع من مستوى هاته الأخلاق الباطنة ومستوى وعينا بحضارتنا..
فآمنا بأن التمهيد للنهضة الأخلاقية والعلمية الإسلامية من ضرورات الإقلاع الحضاري للأمة وللإنسانية جمعاء ، والذي دونه ستنحو أمتنا وبالتالي كل الإنسانية صوب حافات البهيمية والتي ستزداد عمقا كلما ازددنا  مادية ونفاقا ووحشية وغابوية وفوضى وفسادا ..
بل وانحلالات منظمة كما حال الليبرالية المسيطرة اليوم علينا بالعصا والجزر... 
فالأخلاق ثروة ...والأخلاق قوة . 
ولن تنجح  المذهبية الإسلامية كبديل إنساني إلا بقومة تعليمية وتربوية أولا،ولهذا نؤسس :
فننادي بأن يكون كل مشروع إصلاح إسلامي متبني لــ:
1ــ الشمولية : " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء" النحل 89 .
2ــ الحوار "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن "العنكبوت 46
3ــ قبول الآخر:" ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"آل عمران 159
4ـــ العلمية :" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"البقرة 111
5ـــ الفقه الحضاري.. والسلوك الحضاري.. والبناء الحضاري.
6ـــ النقل بالعقل : " أفلا تعقلون "البقرة 44 " أفلا تتفكرون "الأنعام 50
وهذه أهم أسس مسودة أرضيتنا التأسيسية هاته نحو مذهبية إسلامية بديلة لكل الإنسانية ، وليس  لمجتمعاتنا كعرب أو كمسلمين فقط ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق